خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 22 من شوال 1444هـ - الموافق 12/5 /2023م
حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71].
أَمَّا بَعْدُ فَيَا عِبَادَ اللهِ:
تُعْتَبَرُ الْأُسْرَةُ لَبِنَةً مُهِمَّةً فِي بِنَاءِ الْأُمَمِ وَالْحَضَارَاتِ؛ فَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي يَنْبُتُ مِنْهَا أَفْرَادُ الْمُجْتَمَعِ صِغَارًا لِيَتَوَلَّوْا مَسْؤُولِيَّةَ النُّهُوضِ بِهِ كِبَارًا، فَمَتَى مَا فَسَدَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ فَسَدَ نَبَاتُهَا، وَمَتَى مَا صَلَحَتْ صَلَحَ نَبَاتُهَا بِإِذْنِ اللهِ؛ لِذَا فَإِنَّ شَرْعَنَا الْحَنِيفَ قَدْ عُنِيَ بِالْأُسْرَةِ عِنَايَةً عَظِيمَةً، وَنَظَّمَ شُؤُونَهَا تَنْظِيمًا حَكِيمًا، حَتَّى وَصَفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَقْدَ النِّكَاحِ الَّذِي تُنْشَأُ الْأُسَرُ بِهِ بِالْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } [النساء: 21]؛ تَنْبِيهًا لِلْأَزْوَاجِ بِأَهَمِّيَّةِ الْحِفَاظِ عَلَى هَذَا الْمِيثَاقِ، وَتَجَنُّبِ نَقْضِهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ.
أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاسْتِفْحَالِ الشِّقَاقِ: الْبُعْدَ عَنِ اللهِ، وَاقْتِرَافَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا الْمَعَاصِيَ وَالْمُنْكَرَاتِ دُونَ مُبَالَاةٍ أَوْ إِنْكَارٍ مِنَ الطَّرَفِ الْآخَرِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [الشورى: 30]. وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فِي اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ:
وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ الْمُنْتَشِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ: جَهْلُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ لِحُقُوقِهِ، وَوَاجِبَاتِهِ تُجَاهَ زَوْجِهِ وَأُسْرَتِهِ؛ مِمَّا يُؤَدِّي لِدُخُولِ بَعْضِ الْأُسَرِ فِي دَوَّامَةِ الصِّرَاعِ وَالْخِلَافِ، فَيَحُلُّ التَّنَازُعُ وَالشِّقَاقُ مَحَلَّ التَّعَاوُنِ وَالِاتِّفَاقِ،
أَوْ رُبَّمَا فَرَّطَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فِي تَلْبِيَةِ حَاجَاتِ الْآخَرِ، أَوْ قَلَّلَ مِنْ تَوْقِيرِهِ وَاحْتِرَامِهِ، وَقَدْ يَتَطَوَّرُ الْأَمْرُ إِلَى اسْتِخْدَامِ أُسْلُوبِ الْقَسْوَةِ وَالْعِنَادِ وَالْفَضَاضَةِ، فَتُصْبِحُ الْحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ جَحِيمًا لَا يُطَاقُ، وَيَتَحَوَّلُ الْوُدُّ وَالسَّكَنُ إِلَى نُفُورٍ وَبُغْضٍ، فَيَتَحَتَّمُ الطَّلَاقُ، وَلَقَدْ أَمَرَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الْأَزْوَاجَ بِالتَّعَامُلِ بِالْإِحْسَانِ وَالرِّفْقِ فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ فَقَالَ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [النساء: 19].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
كَمَا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ طَاعَةَ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِهَا الْجَنَّةَ ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا: دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ» [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: (وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ – بَعْدَ حَقِّ اللهِ وَرَسُولِهِ – أَوْجَبُ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ)، وَقَدْ تَنْهَارُ بَعْضُ الْعَلَاقَاتِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَ يُفْقَدُ خُلُقُ التَّسَامُحِ وَالإِعْذَارِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَيُصْبِحُ تَتَبُّعُ الْعَثَرَاتِ وَالْوُقُوفُ عَلَى الزَّلَّاتِ وَطُغْيَانُ الشَّكِّ أُسْلُوبًا لِلْحَيَاةِ؛ وَلِذَا فَقَدْ حَثَّ اللهُ الْأَزْوَاجَ عَلَى التَّسَامُحِ وَاسْتِذْكَارِ الْفَضْلِ الَّذِي بَيْنَهُمْ؛ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } [البقرة: 237]. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. أَيْ: لَا يُبْغِضْهَا إِذَا رَأَى مِنْهَا مَا يَسُوءُهُ بَلْ يَغْفِرُ سَيِّئَاتِهَا لِحَسَنَاتِهَا وَيَتَغَاضَى عَمَّا يَكْرَهُ لِمَا يُحِبُّ مِنْهَا.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
وَعِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ أَسْبَابِ تَفَكُّكِ الْأُسَرِ وَانْتِشَارِ الطَّلَاقِ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَغْفُلَ عَنْ بَعْضِ الْمُؤَثِّرَاتِ الَّتِي خَلَّفَتْ وَرَاءَهَا آثَارًا سَلْبِيَّةً عَلَى اسْتِقْرَارِ الْأُسَرِ، وَمِنْ أَبْرَزِ تِلْكَ الْمُؤَثِّرَاتِ: الِاسْتِخْدَامُ الْخَاطِئُ لِوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ الْحَدِيثَةِ، حَتَّى أَضْحَتْ بَعْضُ تِلْكَ الْبَرَامِجِ وَالصَّفَحَاتِ مِعْوَلَ هَدْمٍ تَدُكُّ اسْتِقْرَارَ الْمُجْتَمَعِ وَتُهَدِّدُ تَرَابُطَ أُسَرِهِ.
كَمَا أَنَّ لِلصُّحْبَةِ السَّيِّئَةِ وَالْأَفْكَارِ الْمُنْحَرِفَةِ أَثَرًا بَالِغًا فِي تَفَكُّكِ الْأُسَرِ عَبْرَ تَصْوِيرِ الطَّلَاقِ – زُورًا وَبُهْتَانًا- بِأَنَّهُ تَحَرُّرٌ مِنْ قُيُودِ الْعَلَاقَةِ الزَّوْجِيَّةِ، فَأَدَّى إِلَى تَحْرِيضِ بَعْضِ الْأَزْوَاجِ عَلَى شُرَكَائِهِمْ، فَدَمَّرُوا بِتِلْكَ الْأَفْكَارِ وَالْوَسَاوِسِ عُشَّ الزَّوْجِيَّةِ الْمُطْمَئِنَّ، وَانْقَلَبَ الْحُبُّ وَالْقَنَاعَةُ وَالْهَنَاءُ إِلَى بُغْضٍ وَتَعَاسَةٍ وَشَقَاءٍ؛ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ نَلْقَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ وَرِضَاهُ.
وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ مِنْ أَكْثَرِ مَا يَفْرَحُ بِهِ الشَّيْطَانُ فِي إِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ: هُوَ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ؛ لِمَا لِذَلِكَ مِنْ آثَارٍ بَلِيغَةٍ عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ.
فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
فَيَنْبَغِي عَلَى الْأَزْوَاجِ اتِّقَاءُ اللهِ فِي أَزْوَاجِهِمْ، وَتَحَمُّلُ الْمَسْؤُولِيَّةِ الَّتِي كُلِّفُوهَا تُجَاهَ أُسَرِهِمْ وَمُجْتَمَعِهِمْ، وَأَلَّا يَتَسَاهَلُوا فِي أَمْرِ الطَّلَاقِ، وَأَنْ يَكُونَ الدَّاعِي لَهُ هُوَ الضَّرَرَ الْمُعْتَبَرَ شَرْعًا، وَالْمُؤَدِّيَ إِلَى تَعَذُّرِ اسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بُلُوغَ النُّفُورِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَبْلَغًا يَتَأَذَّى بِهِ أَحَدُهُمَا، لَا الْأَهْوَاءَ الْمُتَحَكِّمَةَ وَلَا الِانْفِعَالَاتِ الطَّائِشَةَ؛ عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِى غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ] وَالْمُخْتَلِعَاتُ أَيِ: اللَّاتِي يَطْلُبْنَ الْخُلْعَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا.
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ مَسْؤُولِيَّةَ الْحِفَاظِ عَلَى تَرَابُطِ الْأُسَرِ وَ اسْتِقْرَارِهَا، وَالْبُعْدِ عَنْ أَسْبَابِ تَفَكُّكِهَا وَانْهِيَارِ بِنَائِهَا - مَسْؤُولِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا يَتَحَمَّلُهَا الْأَزْوَاجُ فَحَسْبُ بَلْ تَقَعُ عَلَى عَاتِقِنَا جَمِيعًا أَفْرَادًا وَمُؤَسَّسَاتٍ، شُعُوبًا وَحُكُومَاتٍ؛ فَبِنَاءُ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ بِنَاءٌ مُتَرَابِطٌ، إِذَا اهْتَزَّ جُزْءٌ مِنْهُ تَعَاضَدَ الْبِنَاءُ كُلُّهُ لِإِنْقَاذِهِ وَمُسَانَدَتِهِ؛ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَحَبَّتِهِ، وَأَحْيِنَا عَلَى سُنَّتِهِ، وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ، وَأَكْرِمْنَا بِشَفَاعَتِهِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة